أم الحمام
بقلم: موسى جعفر آل رضوان
أم الحمام هي قرية من قرى القطيف تقع قريبةً من الساحل الغربي للخليج العربي شرقاً وهي منطقة زراعية تحيط بها النخيل من سائر الجهات وتبعد عن ساحل الخليج حوالي 3 كيلو متر ، كانت في الماضي القريب محاطة بسورحصين وخندق لصد الهجمات والغارات المتتالية في فترات عدم الاستقرار ، يبلغ سمك سورها 3 أقدام وارتفاعه 20 قدماً تقريباً وتبرز بين جوانبه وزواياه أبراجٌ عاليةٌ مستديرةُ الشكل عددها ثمانية أبراج وأصل أم الحمام أربع قرى اتحدت فيما بينها لتشكل ما يعرف حالياً بأم الحمام وهي (الزويجية ، السويدة ، قوع الحجر ، السلاحيف) بحسب ما ورد في الوثائق العثمانية التي تؤرخ للقرن العاشر الهجري 959هـ - 1556م.
وكان لها ثلاث بوابات هي:-
دروازة القبلة : غرباً الواقعة بجوار المسجد الجامع الموجود حالياً والعائد وقفيته لعائلة آل محمد علي آل ثاني وأيضاً تسمى دروازة السوق لقربها من سوق البلدة (العريش).
الدروازة الشمالية : وباب آخر في الشمال ويسمى الدروازة الشمالية وتقع إلى الغرب من مسجد آل عبدالعال وتستعمل لمن أراد التوجه للقطيف والجارودية وحلة محيش والزويكية وقوع الحجر بحسب ما ورد في تسميتها في الوثائق العثمانية حيث ان القوع لم تكن بداخل السور .
الدروازة الجنوبية : لمن أراد الذهاب للجش والملاحة وسيهات والدمام ومناجم الطين وكانت فيما مضى تفتح نهاراً وتغلق ليلاً.
ولقد كانت في شكلها البيضاوي تنقسم إلي قسمين ولكل قسم اسمٌ خاص به فالجانب الشمالي منها كان يسمى فريق (امطيرا) والجانب الشرقي والجنوبي يسمى (ازريب) والحارة التي تتوسطهما تسمى الخان أو القعدة وأغلب هذه التسميات موجودة في أغلب قلاع القطيف بما فيها القلعة الرئيسية بالقطيف خاصة تسمية زريب مع الفارق بأن قلعة القطيف يعود تاريخها للفترة الساسانية والتي بنيت بعض اجزائها على انقاض الجاجم نتيجة مقاومة النفوذ الساساني آنذاك .
وتحفُ بها من الشمال والجنوب ثلاثة أحياء ففي الشمال (قوع الحجر) وفي الشمال الشرقي (الزويكية) وفي الجنوب الجبلة وهذه الأحياء كان البعض يتخذها في السابق مصيفاً حيث يرحل عنها في فصل الشتاء إلى مناطق القرية.
أبراج المسورة:
تتكون المسورة من عدة أبراج وعددها ثمانية وتستخدم للحراسة وهي:
1- برج حبيبه : وهو في منزل صالح عبد العال والد المرحوم صقر عبدالعال الموجود حاليا0
2- برج المعتوق : في منزل آل معتوق وبالتحديد في منزل عبد الله المعتوق حالياً.
3- برج العوامي : في بمنزل سلمان العوامي (منزل ولده علي سلمان العوامي .
4- برج المرهون : في منزل الوجيه الملا كاظم الشيخ منصور المرهون.
5- برج آل شبيب : ويقع في منزل الحاج علي سلمان الشبيب.
6- برج آل حرز : ويقع في منزل الحاج عبد العظيم الشبيب.
7- برج الخادعة : في منزل المرحوم عبد الرحيم أحمد آل محمد علي والد الحاج علي عبد الرحيم الموجود حالياً.
8- برج أبو النعوش : حيث تنطلق منه النعوش إلى المدافن وحاليا يسمى بالمسجد الجامع0
أبرز المشاهد المعمارية :-
هذه الساباط تأخذ عدة أشكال مختلفة من حيث الزخرفة الموجودة بها، بعضها على شكل عقود نصف دائرية ، والبعض الآخر على شكل عقود مدببة ، والبعض الآخر على شكل عقود مفصصة .
ولهذه الساباطات فوائد معمارية منها:
تسقف هذه الساباطات بجذوع النخل وحصر الطين لتشكل رابطاً ما بين المنازل المتجاورة ، ويكون فوق هذه الساباط بعض غرف البيوت ، وهي تمثل عنصراً معمارياً جمالياً يعد من أهم عناصر القلاع في منطقة القطيف واهم هذه الساباطات .
1- ساباط بيت الشبيب : ويبتدأ من باب مسجد آل عبدالعال الجنوبي يتجه إلى الشرق متوزعاً على بيوت الشبيب 0
2- ساباط كعيبي : وهو يمر من أمام منزل المرحوم الحاج محمد حسين كعيبي ولا يزال هذا الساباط قائماً حتى يومنا هذا ويكاد يكون هو الشاهد0 الوحيد المتبقي .
3- ساباط سيد عباس : ويمر بجوار منزل جعفر آل عبدالعال
4- ساباط الزاير : وهو يقع شمالي حسينية الكعيبي من أمام بيت الزاير وقد كان تابعاً لحسينية الكعيبي وقد هُدم في فترة من الفترات.
نظرة تاريخية:
تقع أم الحمام ضمن مناطق القطيف التي يشير لها الشاعر علي بن المقرب العيوني ضمن قوله
والخط من صفواء حازوها فما ** أبقوا بها شبراً إلى الظهران حيث كانت مناطق السكنى الرئيسية ممثلة بالخط البري ما بين صفوى إلى الظهران الحالية والممتدة إلى منطقة عين السيح المنطقة الأثرية التي تحتوي ما ينيف على ستة آلالاف قبر وتعود للعصر الحجري وتحتوي على كثير من الآثار اهمها العملات القديمة المكتشفة والمدروسة على يد باحث الآثار الاستاذ محمود ابراهيم الهاجري.
يرجع تاريخ أم الحمام الحالي لما قبل العهد القرمطي وبعده العيوني حيث يؤرخ الشاعر علي بن المقرب العيوني (572-631هـ) لذلك حين يشير لمقاومة الاهالي لحركة القرامطة بقيادة أبو سعيد الجنابي (286هـ - 899م) القادم من قرية جنابة بالساحل الشرقي حيث يقول:
سل القرامط من شظى جماجمهم *** فلقاً وغادرهم بعد العلا خدما
من بعد أن جل في البحرين شأنهم *** وارجفوا الشام بالغارات والحرما
وحرقوا عبد قيس في منازلها *** وصيروا الغر من ساداتها حمما
كما تشير المصادر التاريخية الأثرية المعتبرة إلى أن الموقعين الأكثر شهرة لتحريق القرامطة عقاباً لثورة الأهالي هما الزارة عاصمة الخط في عصر الخلفاء الراشدين ومنطقة الرفيعة التي تسمى الإسكان حالياً بجانب عين المحارق التي اندثرت قبيل عدة عقود ونيف حيث ما زالت آثار التحريق بادية للعيان واللتين تعرضتا للحرق سنة (286هـ -899م) كما يشير للواقعة ابن كثير في كتابه البداية والنهاية وابن اثير في كتابه الكامل في التاريخ ص493 ج7 حيث يقول "وفيها ظهر رجل يعرف بأبي سعيد الجنابي بالبحرين فاجتمع إليه جماعة من الأعراب والقرامطة وقوي أمره فقتل ما حوله من أهل القرى ثم سار إلى القطيف وقتل من بها " ومع الاسف هذا كل ما نعرفه عن ام الحمام في الفترة القرمطية على أمل ان تتكشف تفاصيل تلك الحقبة التاريخية عما قريب سواء عبر الكشوف التاريخية أو الدلائل المادية خصوصا الكشف عن المقبرة الاصلية الواقعة شرق اسكان القطيف والتي تم كشف احدى الهياكل العظيمة قبل عدة سنوات ونقلت للطب الشرعي بمستشفى الدمام المركزي.
أم الحمام في العهد العثماني:
في العهد العثماني يؤرخ لتاريخ أم الحمام في سال نامه أي دفتر الطابو العثماني 282 حيث لم يكن معروفاً أسم أم الحمام والاسم الاشهر هو الرفيعة كما يؤرخ لذلك في المأثورات الشعبية الشعرية آنذاك حيث كانت المنطقة السكنية هي منطقة الرفيعة الاسكان حالياً أما المناطق الزراعية الداخلية فلم تكن سوى منطقة عمل حيث قسم دفتر الطابو العثماني أم الحمام في سنة 959 للهجرة البلدة إلى مناطق منها :-
منطقة الزويكية (الزويجية):
وهي منطقة زراعة وصناعة وتصدير التمور (السلوق) إلى الهند بعد غليها وكان مجموع إيراداتها الضريبية العائدة للدولة العثمانية 5630 آقجة من الحنطة والارز والذرة والسمسم والقطن والتمر وقد ورد ذكرها في أحدى الوثائق القطيفية سنة 1119هـ وهي وثيقة عز الدين بن أبي السعود المؤرخة لمنطقة الهليلية وكذلك في وثيقة تعود للعام 1176هـ وهي وثيقة مصالحة بين ملاك أحد البساتين المعروفة حتى يومنا هذا والمسمى بالقصيري والموجود نسخه منها بحوزة الباحث الاستاذ عبدالعزيز آل عبدالعال.
أسماء السكان في منطقة الزويكية في القرن العاشر الهجري:
الشيخ أحمد بن محمد
سيف بن أحمد
سالم بن مفتاح
حسين بن يحيى
علي بن ماجد
سعيد بن ناصر
علي بن محمد
علي بن أحمد
حسين بن ناصر
مغامس بن عبدالله ولعله احد الملاك وليس احد ساكني أم الحمام آنذاك
قوع الحجر:
المنطقة الأخرى التي ذكرت في قانون نامة (لواء القطيف) العثمانية 959للهجرة هي (قوع الحجر) وكان يوجد في هذه المنطقة عين تسمى النويهية كان يعتمد عليها الأهالي في سقياهم لنخيلهم ويبلغ مدخولها الضريبي لصالح الدولة العثمانية آنذاك 3500 آقجه 1 وكان تعتمد زراعتها على عدة عيون أبرزها عين الثلث (الفلف) وعين الرحيه.
1 - عملة نقدية مغولية مصنوعة من الفضة الخالصة , كانت رائجة على أيام حكم المغول لبغداد, وهي بلغة المغول يتكون اسمها من مقطعين: »آق« وتعني بالعربية »ابيض« و»كجك او كوجك« وتعني بالعربية »صغير« وعندما نجمع المقطعين يكون الاسم »ابيض .
وأبرز أسماء ساكنيها آنذاك هم : -
الشيخ جذل بن محمد
جمعة بن محمد
حسن بن أحمد
راشد بن علي
وشاح بن محمد
مفتاح بن علي
علي بن عبدالله
راشد بن محمد
أحمد بن علي
محمد بن عسكر
إبراهيم بن محمد
محمد بن إبراهيم وعلي بن إبراهيم
سهيل بن إبراهيم
ثاني بن شاهين
ناصر بن ناصر واحمد بن ناصر
حسين بن يوسف
محمد بن عبدالله
خميس بن علي
صغير« كجك او كوجك تحولت باللغة العامية المغولية الى »جة او جوه« وتعتبر »الآقجة« اقدم عملة فضية عثمانية متداولة تورثها العثمانيون من المغول وكانت ذات قيمة مرتفعة , ولما قل المتداول منها في السوق قام السلطان اورخان »ت 763 ه¯/ 1362 م« بن الغازي عثمان بسك الآقجة العثمانية عام 1327 ميلادية واستمر التداول والتعامل بها حتى عام ,1818 حيث توقف سكها فيما بعد لتدهور قيمتها حيث بلغ وزنها نصف قيراط وهذا التدهور بسبب أوضاع الدولة العثمانية الاقتصادية السيئة في اواخر عمرها.
او بالمحصلة فإن الآقجة هي جزء واحد من مئة وعشرين الف جزء من الليرة، والصحيح انها جزء واحد من اثني عشر الف من الليرة.
السلاحيف:
المنطقة الثالثة هي السلاحيف حسبما وردت في (قانون نامة - لواء القطيف 959هـ 1556م) ترجمة الدكتور فيصل الكندري الاستاذ بجامعة الكويت .
وقد وردت في وثيقة قطيفية تعود لسنة 1119هـ لشخص يدعى محمد بن عبدالله بن حسين بن مقلد وهي عبارة عن تصدق أحد أعيان القطيف وهو الشيخ عز الدين بن الشيخ أبو السعود بن محمد بن بيات على المدعو موسى بن حسن آل دارين بنخل يعرف بالفنيني أو القنيني ذكرت الوثيقة أنه بسيحة السلاحيف .
ويبلغ مدخول الدولة العثمانية الضريبي منها 4250 آقجة من الأرز والقطن والذرة والسمسم والتمر.
ومن ابرز ساكنيها آنذاك هم:
الشيخ ناصر بن إبراهيم
سعيد بن ناصر
خلف بن راشد
أحمد بن خلف
راشد بن خلف
ناصر بن راشد
ناصر بن علي
راشد بن علي
عبدي بن سالم
سعيد بن أحمد
بحر بن إبراهيم
ناصر بن رضوان
سيد بن علي البحراني
السودي:
المنطقة الثالثة قرية السودي والمذكورة في وثيقة رقم 264 من وثائق القطيف والعائدة لسنة 1341هـ والمستخرجة من وثائق أمارة القطيف حيث يشار إلى أنها تقع في ساقية عيني الثلث والفتية وفي وثيقة أخرى أن أصحاب هذا البستان هم السادة آل المشقاب حسب وثيقة حصر الإرث لسنة 1361هـ ومجموع إيراداتها الضريبية للدولة العثمانية 8000 آقجة .
أم الحمام في الوثائق البريطانية 1902م:
يصفها المؤرخ لفترة الاستعمار البريطاني سنة 1902م قوردون لوريمر الموظف لدى الحكومة البريطانية في الهند، بين عامي 1903 و1915 م للاستعمال البريطاني الرسمي. قد ظلّت الموسوعة سرّية المحتوى حتى سنة 1970 م حين سمحت الحكومة البريطانية بنشرها في الكتاب المسمى دليل الخليج وعمان ووسط الجزيرة العربية (1903م) والذي طبع من قبل مركز الترجمة بقطر على نفقة خليفة بن حمد آل ثاني آنذاك رغم ما يشوب النسخة العربية منه من سقطات تاريخية لا تغتفر نظراً لسوء الترجمة حيث ينتظر صدور ترجمته الأخرى من قبل الدكتور عبداللطيف النافع المتخصص في جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض.
(القسم الجغرافي) ج1 ص1882 يصفها وذلك في عام 1322هـ الموافق 1904م بما ترجمته:
أم الحمام على بعد ثلاثة أميال غرب جنوب مدينة القطيف وعلى بعد ميلين ونصف غربي عنك قرية مسورة تتكون من 250 منزلاً وكل المنازل داخل السور من الحجر والطين أما خارجها فكل المنازل أكواخ . انتهى
وقد اتسعت هذه القرية في الوقت الـحاضر على حساب البساتين التي حولها من جميع الجــهات وأصبحت مترامية الأطراف واتصلت بــفريق الزويكية والقوع وهي واقعة على الطــريق الريفي.
أبرز المرافق الحكومية والخدمية المتواجدة في قرية أم الحمام:
1- جمعية أم الحمام الخيرية.
2- المركز الصحي بأم الحمام.
3- نادي الابتسام.
4- مركز بلدية أم الحمام.
5- مستوصف جمعية أم الحمام الخيرية.
6- مدراس البنين والبنات العامة.
7- فرع بنك الرياض.
8- المحلات التجارية الكبيرة بجميع أنواعها.
المصادر:
1 - عبد الخالق الجنبي ، قرى القطيف في قانون نامه لواء القطيف عام 959هـ 1556م ، مجلة الساحل ، العدد الرابع.
2 - وثائق ومخطوطات القطيف المستخرجة من أمارة محافظة القطيف والمحفوظة نسخ منها حالياً بالمكتب الإقليمي لمتحف الدمام.
3 - قانون نامة لواء القطيف ترجمة الدكتور فيصل الكندري المجلة التاريخية العربية للدراسات العثمانية ، جامعة الكويت.
4 - دراسة للأستاذ الحرز ، حسين منصور (مخطوط) نشر جزء كبير منه ضمن كتاب (القطيف وملحقاتها) للشيخ عبدالعظيم المشيخص .
5 - لوريمر ، قوردون ، دليل الخليج وعمان ووسط الجزيرة العربية صدرت منه ترجمتان باللغة العربية احداها في قطر والاخرى في عمان بالاردن والثالثة قيد التجهيز والتنقيح داخل السعودية.
6 - شرح ديوان ابن المقرب الجنبي ، عبدالخالق بن عبدالجليل ، البيك ، علي - العرفات ، عبدالغني.