الخروج من النفق المظلم

  كلنا نرى مسيرة النادي في هذه الايام تسير في نفق مظلم، ولكن نحن المتفائلون المغرمون به من اخر شعرة بالرأس حتى أخمص القدم، نجد ان في نهاية النفق المظلم بصيص من الأمل بالله موجود ولا شك ولا ريب في ذلك.

نحن نعيش ونتغنى على ذلك الأمل المنشود الذي بدواخلنا، نؤمن بوجوده حتمياً دون أن نبصره أحياناً ولا ندرك حتى نهايته، لدرجة أننا قد نتساءل أحياناً ماذا لو كانت هناك رياحاً عاتية شديدة قادمة الينا وباتجاهنا مثل الأزمة الإدارية والمالية التي يعيشها النادي ونلمسها في هذه الايام؟

لقد تعودنا على ذلك مند زمن حتى أصبح افتراض وجود النّفق المظلم في حياتنا وفي نفوسنا وفي أزمتنا الحالية غير قابل للنقاش، أصبح اليوم حقيقة مرة نعيشها ونلمسها على ارض الواقع، حتى هذه اللحظة التي أدركت فيها انه فعلاً غير موجود، بل نحن من نبنيه بأنفسنا أو نسمح للآخرين بأن يبنوه حولنا.

هل نحن الآن في مشكلة كبيرة؟ وهل حياة نادينا مظلمة وسوداء ولا نستطيع الخروج من هذا الظلام الحالك؟ أتدري ما هذا النور، انه الأمل البسيط الذي يخرج بين أحضان المشكلة (الظلام والعاصفة) ليجعل حياة نادينا أجمل وأحلى مهما كانت الظروف والمشاكل، فتأكد أنها سوف تعبر وتنتهي فكل شيء في حياتنا سوف ينتهي حتى هذا الجسد فلماذا نيأس ونتشاءم.

لماذا نتألم من التحديات ونحن اعلم أنها تعلمنا أكثر مما تجعلنا حزنين؟ لماذا نتراجع عن المشاركة في ترشيح أنفسنا في إدارة النادي عند أول إحباط وتحدي، ونحن نعلم أن الأمل والحب والإصرار هو أساس الوصول للهدف والخروج من حفرة الالم والمعاناة. 

إن حبنا ووطنيتنا يا شباب هذا البلد المعطاء لهذا الكيان الشامخ هي النور بحد ذاته، هو الأمل، هو المتنفس، لأننا في الحقيقة ننتقل من ظلمة إلى أخرى، من ظلمة العزوف وعدم اللامبالاة إلى ظلمة المستقبل المجهول التي نحن بصددها، فإن لم نكن محصنين بالحب والأمل والرغبة الصادقة الآن وغدا فأين ومتى نكون؟ سؤالاً يطرح نفسه وعلى الغيارى ابناء بلدي الاجابة والاستجابة.

هل في التجاهل وعدم التفاعل واللامبالاة، والنتيجة سنكون في ظلامٍ مطبق، في ندم واسف وانزعاج، في مستقبل مجهول لهذا النادي الذي يزخر بتراث الاجداد والاباء، وبالكؤوس الملونة، الذي يلعب له أولادكم فلذات اكبادكم، الذي تنفسنا هواءه منذ الطفولة، ولعبنا على ملاعبه الترابية حتى اصبحت جروح أجسامنا تصرخ يا ابتسام.

ولكني على يقين بتوفيق الله، ثم بمساعدة من رجالات البلد الاوفياء الذين خدموا النادي على مر السنين، والذين تأبى نفوسهم العزيزة ودعواتهم الممزوجة بالحب والحنان والأمل لهذا الكيان أن يكون في حالة الهوان والضعف، وحين نصبح مستعدين للمواجهة، نقرر الخروج رافعين الراية البنفسجية بكل شجاعة واقدام إلى الحياة الجديدة، وإلى مزيدٍ من الأمل والتفاؤل، وتبدأ التحديات.

لكن ذلك الرجل المؤمن بالله، المحب، والمخلص لبلده وناديه المفعم بالأمل مع فريقه الاداري المكلف والمتفاني لن يستسلم بسهولة مهما كانت قوة العاصفة، فلو لم يكن هذا الرجل مسلحاً بالأيمان وبالعشق الكبير الذي بداخله وبوجود الأمل والطموح في حياته ما كلّف نفسه عناء الاستمرار، والبحث والبكاء، والالم.

لكن إدراكه ويقينه بوجود بصيص من الأمل للاستجابة لحل هذه الازمة ممن يملكون الغيرة على النادي من رجالات هذا البلد المعطاء جعله لا يتردد أبداً ولو للحظة واحدة في مواصلة المشوار، فالإدراك واليقين بوجود مستجيب في قادم الأيام هي سلوته ومنيته وصبره على تحمل المشاق.

عدم القدرة على تكوين ادارة جديدة من خلال فترتين اعلنت للترشيح ولم يترشح أحد، هنالك مشكلة وهي الثّقة بالنّفس، والإيمان بضرورة الاستمرار، وعدم الياس والخوف من المستقبل، والمحاولة مرة اخرى واخرى لعل الله يفتح بعد ذلك باب للنجاة. هناك أمل في شباب هذا البلد الذي لا يعرف المستحيل ولا يعرف الا في وقت المحن والشدائد، فهم اهلا لذلك، وسترون في القريب العاجل ما يسركم ويثلج صدوركم.

لن نستلم أبدا مهما كانت النتائج. الأمر نفسه ينطبق على جميع ما نتعلّمه أو نمارسه لأول مرة وفي الحياة، فالحياة ليست سهلة لدرجةِ أن كل شيء ينجح من المرة الأولى، لذلك علينا المحاولة أكثر من مرة حتى يتحقق الانجاز بتكوين إدارة مؤهلة وطنية طموحة تسعدنا جمعيا، وتأخذ بيد هذا النادي الى النجاة والتوافق بذلاً من غرقه وانتصار العاصفة عليه ودفنه حياً.

كل خطوة ناجحة تتلوها خطوة تعيد ملء المخزون من الامل والحب بما يكفي وأكثر، الأمل بالله دائماً موجود ونحن من نفقده، وفي كل مرة نفقده فيها نكون أمام خيارين، إما أن نبحث عنه فنجده من جديد، أو نستجيب لليأس وعدم اللامبالاة، ونبدأ بوضع أو نسمح لغيرنا بوضع الحجارة التي ستحول النفق المظلم الى نفق مغلق والى الابد.

أنا هنا لا أقول لكم ابحثوا عن الامل وستجدونه، ابدأوا بالبحث في داخلكم وستجدونه، ستجدونه مع كل صمتٍ بعد دقة قلب، منتظراً الدقة التالية لهذا القلب المتيم والجريح، ستجدونه مع كل رفة عينٍ تظلم فيها الدنيا ويصبح السواد شائعاً، مدركاً ان العاصفة لن تطول مهما كانت قوتها، وستنتهي الظلمة وسترون الحياة القادمة أحلى وأحلى.

وحين تجدو الامل في داخلكم، انظروا وسترونه في كل مكان، في كل منزل من منازل أهالي أم الحمام الحبيبة، في كل شبر من أرضها وترابها الطاهر، في كل نخلة من نخليها الباسقات، في كل شجرة مخضرة، في كل قلب وروح من شبابها المتحمس النابض بالعطاء، في كل عين تبكي بسبب الخسارة، وفي كل روح وقلب يفرح بسبب الفوز.

ستجدونه في نور القمر، وفي النجوم الساطعة في السماء، وفي غروب الشمس وطلوعها من جديد أملا في فجر جديد يحمل ويزف لنا البشرى بالسعادة، في سقوط الورقة الذابلة وظهور غيرها من جديد أملاً بقطف الثمار، في هدوء البحر وصفاءه وهواءه العليل، وفي الاشجار البنفسجية اليانعة، في العاصفة ورياحها العاتية التي تمر علينا هذه الايام بكل سلبياتها، في أمال وطموحات الرجال لا يعرفون الملل والكلل والياس تشق طريقها نحو عنان السماء، نحو التلاحم والتكاتف، نحو غد مشرق ووضاء.

من بذرةٍ غرسها الاجداد والاباء وجدت نفسها مدفونة بتراب أم الحمام الطاهر، في مياه بالحب والامل جرت كي تروي هذه الجذور، في سيقانٍ تخترق التراب صاعدة نحو السمو والرفعة، نتائج ايجابية ما كانت لتحصد وتتحقق لولا غداء من جهد وعرق ودعم مادي ومعنوي وصلها متحديا حتى الجاذبية الارضية، في طفل ابتسامي يولد، في شبل ابتسامي يكبر، في شباب ابتسامي يبكي، لا يستسلم ابداً مهما كانت قوة العاصفة، مهما كانت الظروف والصعاب، ويواجه الحياة بكل أمل واقتدار وأكثر من ذلك.

إذا عشت الامل وبدأت في جعل النور الايجابي في حياتك وتفكيرك سوف تجد نفسك تتمتع بثقة في النفس، وسوف ترى هدفك البعيد أو ما كنت تعتبره حلم بعيد يحقق أو يقترب من التحقيق.

الأمل فطرة وشعور داخلي وهو النظر إلى الجانب الأفضل لما يدور حولنا من أحداث وأحوال ونتمنى أفضل النتائج. العمل حياة وشرف وكرامة. المعاملة الحسنة دين، الاخلاق سلوك، والوطنية إخلاص للوطن ومحبة وتفاتي. العمل التطوعي أرادة داخلية ومصدر قوة وخدمة إنسانية يقوم بها الغيورين على وطنهم ومجتمعهم، فحافظوا عليها واعملوا كي تفوزوا بالجنان وبرضى الرحمن الحنان المنان، لتحققوا ما نسعى ونصبوا اليه جمعياً من خير ورفعة لهذا الكيان الابتسامي البنفسجي الذي نعشقه حتى النخاع.

الذي أتمنى أن يرى النور في القريب العاجل، وأن يكون سداً منعيا لمواجهة العاصفة بشبابه ورجاله الذين عزموا وتوكلوا على الله، فأن التوكل على الله عبادة الصادقين، وسبيل المخلصين. قال تعالى: (ربنا عليك توكلنا واليك أنبنا واليك المصير).

أختم كلامي بأن الامل والتفاؤل والعمل الجاد والرغبة الصادقة في خدمة الوطن من خلال النادي هو مادة النصر في كل معركة، وفي كل نهضة، فعلى المتشائمين أن يعيشوا وحدهم، فإن المجتمع الجديد مجتمع تقوم دعائمه وأمجاده على الحب والامل والتفاؤل والمشاركة الفعالة الايجابية.

تحياتي ودعواتي لكم بالتوفيق، وعلى الخير نلتقي لنرتقي بنادينا الابتسام إلى عنان السماء.

عاشق الابتسام / فوزي أحمد أمان

عضو شرف