الناس أجناس
حينما تعطي للبعض كل ثقتك ودعمك ووقتك وجهدك, وفي عشية ليلة وضحاها تجد نفسك خارج السرب تغرد وحيداً! ماهي ردود الفعل؟ هل يمكن أن يكون لك موقفاً؟ هل ممكن أن تتعلم من أخطائك السابقة ؟ هل سوف تتعظ وتستفيد من اخفاقاتك؟ أو كما يقال في المثل الدارج: "الروح والطبع مخلوقان في جسد لا يخرج الطبع حتى تخرج الروح".
السؤال الذي يفرض نفسه على ارض الواقع, هل تستطيع الإقلاع والتخلي عن عاداتك القديمة المتجذرة في أعماقك والمترسخة في دهنك؟ من الناحية العقلانية والمنطقية هذا ممكن تحقيقه أذا كانت هناك رغبة اكيدة وصادقة في التغير، أما من الناحية العملية فإن العظة والعبرة والاستفادة من دروس الماضي والحاضر لتجنب مثيلاتها في المستقبل نادر الحدوث لدى نسبة كبيرة من البشر وخاصة اصحاب الشخصية النرجسية اللذين يدعون المعرفة وانهم دوماً على صح ومن يخالفهم الراي فهم على خطأ.
هناك أنماط وشخصيات مختلفة في الحياة منها على سبيل المثال: الشخصية الاجتماعية، الشخصية الجذابة، الشخصية العصبية، الشخصية الحساسة, والشخصية النرجسية: ومعناها العام هي الاهتمام المفرط أو المثير لتقدير الذات.
فمثل هذه الشخصية علينا أن نتوخى الحذر في التعامل معها، بالإضافة الى قوة جاذبية الأسباب المانعة لحدوث ذلك مثل السطحية في تناول الأمور، محاولة استغلال نقاط الضعف، حرص دائم على تجميل صورة الذات بشتى الطرق ، الشعور بأهمية الإنجازات والمواهب التي يمتلكها الى حد الاعتقاد بأنه فريد من نوعه، الشعور بالاستحقاق، حب استغلال الأخرين والاستفادة منهم لتحقيق اهداف خاصة، الافتقار إلى التعاطف مع الأخرين، وانكار احتياجاتهم والغيرة من نجاحات الأخرين.
بالإضافة الى عدم التركيز، عدم قراءة الامور بشكل جيد، عدم أخذ الحيطة والحذر قبل البدء في العمل رغم عدم توفر عوامل النجاح، الاندفاع الغير المحسوب الواقع تحت تأثير وسحر إغراءات النفس البشرية وغرائزها المتعددة الوثابة، مع أن المتاح في الحياة يتخطى فرص التعلم من اخطاء النفس المرتكبة إلى الاتعاظ والاستفادة من دروس أخطاء الآخرين, فقراءة المستقبل أمر مهم جداً، ومحاسبة النفس أمر ضروري بعد كل عمل يعود بالنفع على صاحبه في الدنيا والآخرة. إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همته.
من المتعارف عليه بأن الإنسان خطاء ويرتكب أخطاء كثيرة في حياته تعزى إلى الإهمال أو الجهل أو النسيان او المكابرة أو حب الذات أو الضعف في القدرة أو نقص في الإمكانيات المادية والمعنوية أو نقص في الخبرة والمعاملة، وإذا علم الفرد أنه أخطأ هدفه وضل طريقه المنشود واصبح عاجزاً عن تحقيق أحلامه وطموحاته ثم لم يبدل ويغير وسيلته وطريقة تفكيره ليتجه نحو جادة الصواب، فماذا تنتظر منه؟ الفشل ثم الفشل لا محاله!!!! كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
إن هذا الإخفاق وهذا الفشل وهذا الخطاء الغير مرغوب والمرحب فيه تماماً قد يكون من الأسباب الرئيسة للخوف والقلق من القادم في مستقبل الايام، بحيث يحجم الإنسان عن كل فكرة أو مشروع جديد أو عن كل تجربة مفيدة لأن النتائج التي يرغب فيها غير مؤكدة ومضمونة النجاح، وهذا ديدن الانسان الناجح والمتألق والمبدع الذي يخطئ ثم يصحح، ويتعثر ثم يقف للتأمل، وتوضع العراقيل والتحديات الصعبة امامه والاشواك في طريقه فلا يتوقف ولا يكل ولا يمل أبداً لأنه دائم التصحيح لحركته النشطة والدؤوبة، والتجديد لقدراته المتوهجة، والسعي بجدية وراء تحقيق أهدافه وطموحاته، وهذا ما يمده بالنشاط والحيوية والأمل والتفاؤل، ويجعله قادراً على تحويل الاحلام الى حقيقة والأهداف إلى واقع ملموس.
من المعروف أن المعركة بين الفشل والنجاح سوف تظل سجالاً إلى ما لا نهاية لأنه صراع دائم بين طرفي المعادلة، ولا شك ان لكل من الفشل ذرائعه وأسلحته ومقوماته, وفي كلا الحالتين ظل الإنسان هو المسؤول عن تحقيق الفشل أو النجاح من خلال سلوكه وممارسته والطرق التي تؤدي إلى أي منها, فالنجاح له عوامله وللفشل أسبابه وقد أُمر الإنسان بالجد والاجتهاد وعدم الاستسلام للفشل. أ
ن الإنسان الناجح هو ذلك الذي يحول الفشل إلى نجاح والهزيمة إلى نصر من خلال الفكر النير والجهد والمثابرة والعزيمة التي لا تلين ، ناهيك عن الثقة بالنفس والقدرة على إدارة الوقت واستغلال الفرص وعدم الاستسلام للعوائق وكسب المعارف والعلوم والاستفادة من تجارب الآخرين، ليس هذا فحسب بل إن التحلي بالخلق الفاضل والاخلاص في العمل وحسن النية والتعاون وحب الخير للآخرين ومشاركتهم هو سر النجاح.
علينا ان نعرف أن الفشل هو اساس النجاح, وكلاهما مرتبطين بأسلوبك في الحياة والوسيلة والطريقة في التعامل مع التحديات والمعوقات والصعوبات، فإذا أثبتت الطريقة فشلها فما الذي يمنع من تصحيح مسارها أو تغييرها كاملة, إن سبب الفشل والإخفاق وارتكاب الاخطاء قد يكون نتيجة ضعف الهمة، وفتور العزيمة، ووهن البنية، وقد يعزى ذلك الى الظروف المصاحبة والبيئة المحيطة، وحينئذ فإن عليك أن تستفيد من هذه الظروف وأن لا تتكرر وأن لا تصطدم بها مرة أخرى في طريق حياتك العملية والعلمية لتحقيق الاحلام والطموحات والاهداف المنشودة والخطط المرسومة.
إن الأخطاء عبارة عن مردود ونتائج لما نفعله، وعلينا ان نستفيد من هذه الاخطاء، ولعل الفائزين في الحياة يرتكبون أخطاء أكثر من الخاسرين، ولهذا السبب يفوزون في نهاية المطاف ويحققون ما عجز عنه الخاسرون، فهم يحصلون على مردودات أكثر ايجابية وعملية كلما استمروا في تجربة احتمالات أكثر، فالمشكلة الوحيدة مع الخاسرين هي أنهم يرون دائمًاً الجانب السلبي من المشكلة فيعطونها أكبر من حجمها ويفشلون في الجانب الإيجابي منها, لذلك علينا أن نتعلم ونستفيد من خسارتنا أكثر بكثير مما نتعلمه من انتصاراتنا, فعندما نخسر نفكر في أسباب الخسارة ونحللها ونعيد ترتيب أوراقنا ونضع خططًاً واستراتيجيات وحلول جديدة مختلفة لاتباعها، ولكن عندما نفوز فإننا ببساطة نحتفل بهذا الفوز ونتعلم القليل منه.
علينا ان نقدر ونحترم شمولية التفكير بجدية وإيجابية, والممارسة المهنية على ارض الواقع لأتخاد القرار المناسب للمصلحة العامة بعيدين كل البعد عن الفردية، فالعمل بجماعية على انجاح كل الأفكار الطموحة في خضم الصعوبات والمعوقات والتحديات التي تواجهنا وتقف أمامنا حائرة تتطلب منا في احيان كثيرة أن نقوم بدراسة كل الجوانب الايجابية والسلبية التي تدعم و تعزز فرص تحقيق النجاح والتقدم والازدهار.
علينا اذا ان نسلك طرق ووسائل واساليب مختلفة في الفكر والتفكير للتعلم والاستفادة الكاملة من خلال التجارب السابقة والاحداث المتوالية.
العاقل منا من يتعظ من تجاربه ومن تجارب الاخرين، والغافل منا من يكرر أخطاؤه واخفاقاته.
ان ابلغ الكلام ما يكون ناتج من واقع تجربه نتعلم منها، فالنجاح ليس عدم فعل الاخطاء، النجاح هو عدم تكرار الاخطاء) الأشخاص ذوي الهمم والروح العالية دائمًاً ما واجهوا المعارضة العنيفة من العقول العادية لأن العقول العادية لا تستطيع أن تفهم كيف يستخدم شخص ذكائه بصراحة وبجدية دون الاعتماد على العادات والتقاليد والأحكام المسبق) أينشتاين!
وفي الختام ندعو الله أن يحفظنا وإياكم من الزيغ واتباع الهوى ، وأن يزكي أنفسنا بطاعته فهو وليها ومولاها، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين، سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين.
اودعكم احبتي على أمل اللقاء بكم مجدداً، فلكم تحياتي ومودتي وتقديري
عاشق البنفسج / فوزي أحمد أمان