صغارنا فلذات أكبادنا هم المستقبل
الفئات السنية أو العمرية, اللاعبون الصغار، البراعم والناشئون، فلذات الأكباد, هم مستقبل الأندية الرياضية والمنتخبات الوطنية، فإذا لم يوجد من يهتم بهذه الفئات السنية أو العمرية في الحاضر والمستقبل من قبل الجميع, فلن تستطيع الأندية الرياضية أن تتبوأ مقعداً من النجاح وان تكون في مقدمة الركب وفي جميع الألعاب, ولن تستطيع أيضا أن تُفرخ لاعبين قادرين على اللعب للمنتخبات الوطنية، فهناك عدد من العوامل التي تواجه طريق اللاعب الناشئ الواعد وخاصة في الاندية الرياضية ذات الامكانيات المحدودة تحول دون بروز موهبته وعراقيل عدة تحبطه وتنال من طموحه واستعداده وعلى سبيل المثال:
1- النقص المادي والمعنوي وخاصة في الاندية ذات الإمكانيات المحدودة.
2- عدم توفر مدربين مؤهلين ذو كفاءة عالية للفئات السنية في الأندية الرياضية وخاصة اندية الظل أندية الدرجتين الثالثة والثانية.
3- عدم وجود إداريين ذو خبرة رياضية ومتفرغين للعبة للقيام بمهامهم على الوجه الاكمل.
4- الحالة الاجتماعية والاقتصادية التي نعيشها في الواقع الرياضي والتي أثرت سلباً على المستوى العام للأندية الرياضية.
5- عدم توفر البنية الاساسية من ملاعب وغيرها وخاصة في الأندية صاحبة الامكانات المحدودة.
وفي نظري المسؤولية مشتركة تقع على الرئاسة العامة لرعاية الشباب والاتحاد السعودي لكرة القدم ومن ثم الأندية الرياضية ، وما يلاحظ اليوم من تراجع في الأداء وسوء النتائج هو بسبب غياب الفئات العمرية والمسابقات الخاصة لها طالما وان الأندية الجماهيرية صاحبة الإمكانيات المادية أصبحت تبحث عن اللاعب الجاهز هنا وهناك, بمعنى أن يلعب اللاعب موسم أو موسمين ثم يُستغنى عنه والضحية هو اللاعب الناشئ الذي لم تتح له الفرصة في اللعب مع الفريق الأول أو حتى الاولمبي أو فئة الشباب, والاستفادة من قدراته وإمكانياته الفنية التي ربما ستخدم الفريق حاضراً ومستقبلاً.
ومثال على ذلك الأندية السعودية, اندية المقدمة في الدوري الممتاز التي كانت من اقوى وأعلى الفرق الرياضية خليجاً وعربياً واسيوياً, وذلك بسبب الاهتمام بالفئات العمرية ودائماً في كل موسم نشاهد لاعبين جدد ذو مهارة وكفاءة عالية, بل وأصبحوا من اعمدة المنتخب الوطني لكرة القدم, نستأنس بمهارتهم ولعبهم, لكنهم تراجعوا في الأعوام الأخيرة من المستوى والنتائج والسبب أنهم فرطوا في الاهتمام بهذه الفئة العمرية واعتمدوا على اللاعب الجاهز, مما سبب تراجع للكرة السعودية عامة وللأندية الرياضية خاصة.
وهناك عدة حلول من أجل تطوير الفئات العمرية وأيضا اكتشاف العديد من المواهب, واذا أردنا العودة إلى البحث عن هذه القاعدة لابد أن نبدأ من الصفر بمعنى أصح أن تكون هناك استراتيجية شاملة وخطط مدروسة تبدأ من المدارس والأندية والاتحادات الرياضية, لان اللاعب دائماً وابداً ما تكون بدايته من الحواري ثم المدرسة ثم النادي, ومن بعض ذلك الحلول لتطوير هذه الفئة:
1- وضع استراتيجية على مدار العام تحدد ملامح تنظيم البطولات والدوريات للفئات العمرية.
2- تأهيل مدربين ذات كفاءة عالية على مستوى الأندية يتولون مهمة تدريب الفئات العمرية.
3- التنسيق مع مدراء المدارس في تفعيل الدورات المدرسية.
4- استقطاب اللاعبين الأفضل وضمهم إلى الأندية.
5- زيادة حصة الدعم لكل الفئات العمرية, ومن هنا نستطيع أن نكون لاعبين ذات مستويات عالية في مختلف الفئات السنية وفي جميع الألعاب الرياضية, والتي ستعطي نقلة نوعية في تطوير الأندية الرياضية مما ينعكس على المنتخبات الوطنية بتحقيق نتائج إيجابية وعلى كافة المستويات.
وأؤكد بان العمل مع الفئات السنية أن كان في التدريب أو التعليم هو من أصعب انواع التعامل وأكثرها خطورة وحساسية ومسؤولية لأنه عمل تأسيسي من كافة الجوانب البدنية والاجتماعية والوجدانية والنفسية والابوية, وهي متطلبات العمل الاساسي مع الفئات السنية الصغرى من حيث المعرفة والدراية بخصائص كل مرحلة سنية ومتطلباتها، فالفئات السنية الصغرى تحتاج الى التعامل معها بأبوة وحنية, وهذا مرتبط بنوعية الكوادر والقيادات العاملة مع البراعم والناشئين من حيث كفأتهم وخبرتهم ومستوى تأهيلهم وبما ينعكس على ادائهم مع هؤلاء الصغار الذين يحتاجون للاهتمام والرعاية التربوية والصحية والاجتماعية والنفسية.
والناشئ الصغير يحتاج الى التوجيه المستمر والتأسيس القوي لكل مظاهر السلوك والتربية والاخلاق, والتعامل مع هؤلاء الناشئين دون انحياز او أساليب متفاوتة في اسلوب التعامل, وعندما تتوفر كل هذه المتطلبات التي يحتاجها الناشئ نكون وضعنا أقدامنا على طريق العمل الصحيح في التعامل مع هذه الفئات السنية الصغرى التي تحتاج الى كثير من الرقابة والتوجيه والتربية والتأسيس الصحيح والسليم للناشئ.
أن الاهتمام بالناشئين حلقة مترابطة بين البيت والمدرسة والنادي, ويجب الاعتماد على زيارة المدراس من قبل مسئولي الاندية لإقامة دورات بالتعاون مع النادي ولاكتشاف المواهب والاستعانة بالخبرات من اللاعبين المثقفين القدامى والجدد لرسم خطط بعيدة المدى والاستفادة منها, لأن الاندية يوجد فيها العمل والاجتهاد ولكن تحتاج الى عمل متطور وشاق حتى يتم صناعة فرق رياضية حديثة متطورة تحافظ على انجازات النادي وتفوقه حاضراً ومستقبلاً.
هناك الكثير من المدربين الذين يعملون بالأندية بأسلوب غير حضاري وغير منظم ولا تخضع خططهم التدريبية للأسس والأساليب العلمية الحديثة, فتدريب الفئات السنية وتحديداً البراعم والناشئين علم في حد ذاته ويعد من أهم وأصعب مراحل التدريب، ومدربو هذه الفئات السنية لابد أن يتم اختيارهم بعناية فائقة وفق أسس ومعايير معينة, واذا لم تستطيع الاندية ان توفر مثل هؤلاء المدربين القادرين على تطوير الاسس والمهارات المطلوبة لهؤلاء اللاعبين الصغار, فأتمنى ألا يقتلوا هذه المواهب الواعدة فهي مستقبل الأندية والرياضة بشكل عام.
يامن تملكون القرار في الأندية, اختاروا وانتقوا المدربين الأكفاء القادرين على التطوير والابداع لهذه الفئة العمرية من اللاعبين وفي جميع الالعاب، فهم أمانة وهدية لكم من رب العالمين, وأحرصوا على مشاهدة برامج وخطط المدربين وقيموا عملهم بين فترة واخرى، وإن لم تفعلوا ذلك فالمشكلة تكمن فيكم أنتم وليس المدربون من يتحملون عدم تطور أداء هؤلاء اللاعبين الصغار, فهم صغار اليوم وشباب المستقبل.
جعلني الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأسألُ اللهَ تعالى لي ولكم الّتوفيق والإعانةَ.
عاشق البنفسج / فوزي أحمد أمان