الفقر إكسير الحياة لكرة الشرقية ..!!

المركز الإعلامي عيسى الجوكم  
** الفقر كان بالنسبة لها إكسير الحياة.. تعيش تحت عباءته مكتفية بنسمات الساحل الذي يشعل فيها توهجا.. ويفجر بداخلها صورا إبداعية تجعل المحيطين بها من عشاق ومحبين ومتفرجين يسبحون في بحر من السعادة..!!

** لم يكن الفقر بالنسبة لها محطة لليأس.. ولم يكن في يوم من الأيام عائقا يطفئ جذوة التألق في زينتها..!!
** كانت شامخة تعتلي القمة.. بل كانت تشيد قصورا في أعلى القمم.. لم تستسلم أبدا لضيق اليد.. بل كانت تبصر أكثر ممن يملكون الملايين..!!

** كانت تغني مثل البلابل.. وكان صوتها يعلو.. لم يقل كل من سمعها المقولة الشهيرة (مزمار الحي لايطرب).. بل كانت تطرب من يسكن الساحل ومن يأتي للأستمتاع بزرقته وهدوئه وعنفوانه أيضا.. فالهوى بالنسبة لها (شرقي).. والنغم يصدح مع (الهول واليامال)..!!

**كانت فراشة لاتقترب بريشتها الأنيقة على سوداوية (دالي) في لوحاته الحزينة.. ولا تحبذ شعراء الجرح والبكاء والعويل.. كانت تغرد في كل موسم لقصيدة حب تكتبها على لوحة كبيرة تعرض في بعض الأحيان في حي العدامة بالدمام.. ويطوف بها أناس كثر عشقوها.. يسامرون القمر على كورنيش الدمام..وكورنيش الخبر في بعض الأحيان..!!

** يالها من احتفالية عندما تغرد (العروس) بقصيدة جديدة قافيتها (خليجية) لترسم لوحة جمالية هي الأولى داخل مملكة الإنسانية.. هي أولوية لفارس الدهناء على نغمات (الهول واليامال)..!!

** كانت تغرد في زمن الفقر وزمن (اللامال) وزمن الطيبة.. كانت تمد يدها لتفتح النوافذ على مصراعيها.. تزيح بقدمها اليمنى ستائر مغطاة بأقمشة خليجية وعربية في مدينة الدمام.. وبقدمها اليسرى ستائر شرق أسيوية تطل بها على شرفة الواجهة البحرية بالخبر.. وتمتد يدها مرة أخرى.. لينتفض الخليج من مياه الخليج ويصدح عربيا.. ويزيل النور الظلمة عن مياه الخليج وتسبح يده في مياهه المالحة..!!

** لم يمنعها فقرها وبساطتها من النوم على وسادة السعادة والنياشين.. تستنشق نسائم الصباح المحمل بروائح الأشجار العطرية على الساحل الشرقي..!!

** لم تعرف الكسل في حياتها وهي تقطن المسكن المتواضع.. لم تعرف بعد تلك الجماليات في المباني.. ولم يكن مرتادوها من أصحاب الجاه والمال إلا ما ندر.. لكنها كانت جبارة في عنفوانها وإصرارها نحو بلوغ القمم..

** يا لهذه العروس التي تسطو على المساحة البيضاء من أوراقي.. يا لها من كنوز وذكريات لايمكن أن يطالها نسيان.. ولا يمكن أن يمحو آثارها ضجيج المال ولغة الحسابات التي أضاعتها على شواطئ الساحل الشرقي.. !!
** كم هو مؤلم أن تكون تلك العروس في أبهى حلتها وجمالها عندما كانت لغة المال (بسيطة) وتكون جسدا مسجى في حضرة (المال) الذي أصابها بمقتل..!!

** لقد فقدت تلك العروس توهجها وروعتها وجمالها.. وهرب عشاقها ومحبوها عن مشاهدتها.. لا أعرف كيف تبدل بها الحال في حضرة المدعو (الاحتراف)..!!

** لم يعد كورنيش الدمام متخما بأبواق السيارات بعد كل زيارة (خليجية) ولم تعد الواجهة البحرية بالخبر تفتخر بوسام شرق القارة..!!

** كل شيء تبدل وتغير.. ذبلت وردة الساحل الشرقي.. فلم يعد العدامة مكتظا لا بالشباب ولا بالكهول.. والعقربية في مدينة الخبر أصبحت حزينة من كثرة الانكسارات.. فلم يعد ذلك الحي يكتشف ويورد النجوم..!!

** حتى أولئك الرجال الذين عرفنا عنهم تماسكهم وحبهم لبعضهم اختلفوا ولم يعودوا حتى الآن من رحلة الخلاف والاختلاف التي امتدت لسنوات طوال..!!

**حتى العملاق البلدوزر الذي كان قاسما مشتركا لإنجازات اتفاق الدمام وقادسية الخبر.. العميد خليل الزياني اختفت بسمته التي كانت تغرد في كل مكان.. ربما أتعبه الركض وهو يرى الثالوث الاتفاقي ممزقاً.. أو لنقل إنه غادر الساحة ولم يعد حتى الآن في القارب الذي حمله في مياه الخليج في ثمانينات القرن الماضي..!!

 ** لم تتوقف حسرة (العروس) على حرقة تفكك ثالوث ساحل الدمام.. فقد امتدت الحرقة لأجمل مدن العرب (الخبر).. فقد غادر الأخوان بادغيش عرابا الإنجاز القارى الساحة أيضاً.. ليسأل الجميع.. أين هما؟

** أما الزامل فظل كما هو منذ ثلاثه عقود.. إما مؤيدا لدرجة الغليان.. أو معارضا شرسا.. تركه القرون والعلي في منتصف الطريق.. وبقي معه الياقوت.. وما زالت قضيته الكبرى حتى الآن هو محمد البكر !!

** هذه حكاية العروس (كرة الشرقية) مع الفقر في الزمن الجميل التي صالت وجالت في عرينه ووصلت إلى القمة محلياً وعربياً وقارياً.. وبعد دخول المال سوق الكرة ودق باب الاحتراف أبواب الاتفاق والقادسية.. هرب الإبداع والتألق من (الجسر) لتبدأ رحلة الألم والمرض الذي أصاب رياضة الساحل الشرقي..!!

** نعم.. كل جديد يعبق بالعطر.. إلا (الكرة) بالشرقية فقد هرمت وشاخت.. وأصبحت في كل موسم تداوى بالأوهام تارة.. وبالثرثرة تارة أخرى..!!

** هون عليك يا سيد القلم.. لا تركض خلف الأطلال.. فالناس هنا لا يعترفون بمقولة (كان أبي.. بل الفتى من قال هاأنذا).

** التزم الصمت أيها القلم.. فلم تعد العروس عروساً.. ولم تعد البساطة عنواناً.. ولم يعد القوم يحلمون باستعادة الأمجاد..!!

** أرح حروفك وكلماتك.. تماماً كما أراح (مارد الدمام) عقله وقلبه وأحاسيسه من تأنيب الضمير.. فلم يعد شبابه وصغاره يفرقون بين الأضواء والثانية..!!

** وإذا لم ترغب يا سيدي القلم في البكاء على الأطلال.. فما عليك إلا أن تولي وجهك شطر (دانة الخليج) التي أحرقها محبوها عن سابق إصرار وترصد.. فأصبح الوفي (غلطانا) والوضيع (إنسانا)..!!

** يا سيدى القلم.. هل جئت لتموت هنا أم تداوي كلماتك بالوهم.. أرح محبرتك فما عاد للإبداع مكاناً بالساحل الشرقي.. إلا ما رحم ربي لأولئك الذين ما زالوا يعيشون مع الفقر.. كيد مضر.. وأثقال الترجي والهدى.. وجمباز الابتسام.. وهناك أسماء لا أعرفها ما زالت تعيش في كوخ صغير.. لكنها تحقق الإنجازات..!!


صحيفة اليوم